اشار السيّد علي فضل الله في حديث الجمعة، الى أنه من الطبيعيّ أن يترك ارتفاع سعر صرف الدّولار تأثيراته على أسعار السّلع والموادّ الغذائيّة، وعلى القدرة الشرائيّة للمواطنين، حتّى تكاد رواتبهم تصبح من دون قيمة في بلد كلّ شيء فيه "مدولر"، مطالباً الدولة وكلّ أجهزتها بالتحرّك، وأن تقوم بواجباتها لإيقاف هذا النَّزف، فلا يمكن أن تكون غائبة عن هذا الانحدار، أو أن تقف مكتوفة الأيدي حيال ما يمسّ بلقمة عيش مواطنيها، ما يهدّد صورتها وهيبتها، وهي لا تعوزها السبل لتحقيق ذلك وهي قادرة إن امتلكت الشجاعة.
وحثّ سماحته الحكومة على محاسبة المتلاعبين بلقمة عيش النّاس من المحتكرين والتجّار الجشعين، رافضاً مقولة التذرّع بقلّة عدد المراقبين، ما دام ثمة جيش من موظّفي الدولة من دون عمل فهؤلاء يمكن الاستفادة منهم بعد تأهيلهم للقيام بمهمّة الرّقابة. وأبدى أسفه لعدم إقرار المجلس النيابي مشروع شبكة الأمان الاجتماعي، والبالغ ألفاً ومئتي مليار ليرة لبنانيَّة، وهو ما يلبي حاجات أعداد كبيرة من المواطنين، والذي تعثَّر بسبب شكليّات ظرفيّة، أو بفعل التجاذبات السياسية والبعيدة كلّ البعد عن مصالح المواطنين، والذين هم من كلّ الطوائف والفئات السياسيّة.
ورأى أنَّ الجلسة النيابيّة الأخيرة لم تكن على مستوى توقّعات اللّبنانيّين في مواجهة التحدّيات التي تداهمهم في واقعهم الصحّي والمعيشي والحياتي، أو في استرداد أموالهم المنهوبة، بفعل عدم طرح القوانين التي تساهم في حماية ودائعهم في المصارف، ومنع أيّ اقتطاع منها مادامت الشّكوك لا تدور حولها، أو تحويلها من دون العودة إليهم، أو بفعل عدم إقرار القوانين التي ترفع الغطاء عن الفاسدين والنّاهبين للمال العام، أو الفاسدين من الوزراء والنوّاب.
وتساءل سماحته عن الأسباب التي تقف خلف التلكّؤ في رفع الحصانة عن السياسيّين، إن في عدم إقرار قانون محاكمة المسؤولين من الوزراء والنوّاب في القضاء العاديّ، أو رفع السريّة المصرفيّة عن السياسيّين، أو إنشاء هيئة مكافحة الفساد، بذريعة أنَّ القوانين بحاجة إلى مزيد من الدراسة في اللّجان التي يعرف اللّبنانيّون جميعاً أنّها في هذا البلد مقبرة المشاريع.
واعتبر سماحته أن ما حدث أحبط آمال المواطنين بإمكان أن تنجح الحكومة في إقرار خطّة إصلاحيّة تنقذ البلاد من الفساد، فكيف يمكن مواجهة الفساد مادام المسؤولون لا يخضعون للمساءلة والمحاسبة وتطبيق القانون عليهم؟! ما يجعل هذه الطبقة السياسيّة في واد والشّعب في واد آخر، لافتاً إلى أنَّ هذا الحدث وغيره قد يدفع النّاس إلى النّزول إلى الشّارع مجدَّداً، والمطالبة بحقوقهم، ومواجهة الفاسدين بأنفسهم، بعدما غرق ممثّلوهم في الحسابات الضيّقة والمصالح الشخصيّة، ونسوا مصالح من انتخبوهم وجعلوهم في مواقعهم.
ورأى سماحته أنّ التحرّكات الشعبية ضرورية ومطلوبة، لأهميتها في فرض إرادة التّغيير على من هم في مواقع المسؤوليّة، منبّهاً إلى أن تكون هذه المطالب والتحرّكات بعيداً من التّسييس، أو أن تستغلّ لحسابات سياسيّة داخليّة وخارجيّة، وأن تبقى نقية صافية تعبّر عن آلام المواطنين ومعاناتهم.
وعلّق سماحته على تشكيل الحكومة الصهيونيّة، محذّراً من خطورة التحالف الذي جرى في الكيان الصهيوني بين اللّيكود وحزب أبيض أزرق، والذي جعل من أهدافه تطبيق صفقة القرن من خلال ضمّ الضفّة الغربيّة وغور الأردن إلى الكيان الصهيوني، والذي يمثل مشروع حرب على مستوى المنطقة، معتبراً أن لبنان لن يكون بمنأى عن تداعياتها، بما يستدعي الحذر من مخطّطات هذا الكيان الغادر، ولا سيّما بعدما جرى على الحدود اللّبنانية السوريّة، وفي الداخل السوري، وعلى الحدود اللبنانية الفلسطينية.
ودعا سماحته الشعب الفلسطيني إلى الوقوف صفاً واحداً ضدّ كلّ القرارات التي تستهدفه، كما دعا الشعوب العربيّة والإسلامية إلى الوقوف معه في مواجهة صفقة القرن التي جاءت هذه الحكومة لتنفيذ بنودها بالكامل.
وتوقّف عند الجريمة التي حصلت في بعقلين، داعياً إلى دراسة هذه الجريمة بنتائجها ودلالاتها، وإلى بذل كلّ الجهود لمنع تكرارها، وإزالة الأسباب التي تؤدّي إلى مثل هذه الجرائم بكلّ أبعادها.